بات سكان بلدة مادما إلى الجنوب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، غير قادرين على الوصول إلى نحو 5 آلاف دونم من أراضيهم المزروعة بأشجار الزيتون، جراء القيود التي فرضها جيش الاحتلال واعتداءات المستوطنين.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وزير الزراعة في السلطة الفلسطينية، في رام الله، رزق سليمية، رجّح، في تصريحات صحفية، أن نحو 150 ألف دونم مزروعة بالزيتون "لن يتمكن المزارعون من الوصول لها لذات الحال".

مزارعو مادما وبلدات أخرى بالضفة الغربية تعرضوا لاعتداءات المستوطنين خلال محاولاتهم جني الثمار، بينها تدمير ممتلكاتهم، وسرقة أدوات القطف، وتحطيم المركبات، والاعتداء بالضرب والترهيب.

رئيس مجلس قروي مادما، عبد الله زيادة، أوضح في حديث لوكالة "الأناضول"، أن "مجموعة من ساكني المستوطنات القريبة من البلدة بينها مستوطنة يتسهار، هاجموا بالعربدة (أمس الإثنين 2024.10.7)، قاطفي الزيتون في أراضي البلدة واعتدوا عليهم وأطلقوا الرصاص تجاههم وطردوهم من حقولهم"، مشددًا على أن الجيش الإسرائيلي يقوم بتوفير الحماية للمستوطنين ومساندتهم في التضييق على السكان.

ويقول: "اليوم أصبحنا نمنع من الوصول قطعيًا إلى 5 آلاف دونم غالبيتها مزروعة بأشجار الزيتون، بدعوى أنها مناطق قريبة من المستوطنات بحجج أمنية.. نحو 70بالمائة من أراضي البلدة الزراعية بات من الصعب الوصول إليها".

كما ولفت إلى أن جزءًا من تلك الأراضي تقع ضمن المناطق "ب" حسب تقسيمات اتفاقية أوسلو؛ الأراضي تقع في الجهتين الجنوبي والشمالية للبلدة، ومنذ 7 أكتوبر الماضي، وضع جيش الاحتلال بوابة حديدية في الجهة الشمالية للبلدة ويمنع السكان من الوصول إلى أراضيهم.

ويتابع: "الاحتلال يدعي بأن تلك الإجراءات لأسباب أمنية، غير أنه من الواضح أن الهدف هو السيطرة على تلك الأراضي لصالح التوسع الاستيطاني.. هذه الإجراءات تعني فقدان الأراضي وفقدان مصدر رزق أساسي للمزارع، وتشكل عنصرًا استفزازيًا للسكان الذين يشاهدون أراضيهم بأعينهم، ولا يمكنهم الوصول إليها بينما يسرح ويمرح فيها المستوطن".

تجريف وأعمال بناء

وعلى سفح جبل مقابل للبلدة، تجري أعمال تجريف لأراض واسعة من قبل جرافات إسرائيلية، ويوضّح رئيس المجلس القروي أن مستوطنين يعملون على استغلال أراضي وتحويلها إلى مزارع للعنب والفواكه، وهي ملك خاص للفلسطينيين في مادما وبلدات مجاوره.

أهالي مادما: يوميًا نتعرض للملاحقة

بلدة مادما تقع إلى الجنوب من مدينة نابلس حيث شيد المستوطنون عشرات المستوطنات والبؤر الاستيطانية في السنوات السابقة، وكانت على مدار تلك السنوات منطلقًا لشن هجمات ضد الفلسطينيين ومزارعهم.

ويسكن القرية نحو 2500 فلسطيني، ويقول عبد الرحيم أسعد (67 عامًا)، أحد مزارعي البلدة مادما، في تقرير لوكالة "الأناضول"، بينما يجني ثمار الزيتون من حقله القريب من شارع استيطاني، "نلاحق يوميًا من قبل المستوطنين وحارس مستوطنة يتسهار، لا يريدون أن يأتي أحد للحقول رغم أنها تقع في المنطقة ب حسب اتفاق أوسلو".

وأشار أسعد إلى أن حارس المستوطنة صادر مقتنيات قطف الثمار في ساعة مبكرة من فجر الخميس (2024.10.3) وسرق المحصول المجني".

ويسارع المزارع في قطف الثمار وعينه على شارع استيطاني خشية ملاحقته وسرقة ثمار حقله. ويتابع: "الأرض ملك خاص لكن الاحتلال يسعى لإفراغها من السكان لصالح تنفيذ مشاريع استيطانية".

ويلفت التقرير إلى أن مراسل "الأناضول" رصد وصول حارس المستوطنة مرة أخرى بينما كان برفقة المزارع في الحقل، ويشير إلى أنه "لم يقدم الحارس على فعل أي حركة.. توقف وراقب ما يجري"، ويوضح المزارع أسعد أنه "يبدو شاهد الكاميرات.. لا يريد توثيق اعتداءاته".

"رغم كل المضايقات لن نتخلى عن الأرض، سنعمل بها نُطرد بقوة السلاح اليوم ولكن نعود لها في اليوم التالي"، ينقل التقرير عن المزارع أسعد.

هجمات أخرى

الناشط في مقاومة الاستيطان، بشار القريوتي، يوضّح في ذات التقرير، أن مجموعة من مستوطني مستوطنة يتسهار هاجموا مزارعين من بلدة حوارة قرب نابلس، واعتدوا عليهم بالضرب وحطموا مركباتهم وسرقوا محصول الزيتون، ويذكر أن مواطنين اثنين على الأقل، نقلا للعلاج جراء إصابتهما بسبب اعتداء المستوطنين.

ويرصد القريوتي عددًا آخرًا من تلك الهجمات في الضفة الغربية، ويقول إن "موسم الزيتون هذا العام وفير، لكن الاستيطان يعكر صفوه، ويشكل فرصة لشن هجمات بينها بالرصاص الحي وبحماية من جنود الاحتلال".

حرب عنوانها المستوطنون

وزير الزراعة الفلسطيني، رزق سليمية، ينقل التقرير عنه قوله، "نواجه هذا العام خطر تكرار منع المزارعين من جني أكثر من 100 ألف دونم بسبب اعتداءات المستوطنين، إضافة إلى منعهم من دخول أراضيهم الواقعة خلف جدار الفصل والتي تستوجب استصدار تصاريح، وتعذر وصولهم إلى الأراضي في مناطق مصنفة ج".

ويتابع: "العام الماضي سجل رسميًا منع قطف ثمار نحو 100 ألف دونم مزروعة من أشجار الزيتون، وتقديري هناك نحو 50 ألف دونم مُنع المزارعون أيضًا من قطف الثمار فيها غير أنها لم تسجل رسميًا"، واصفًا ما يجري في الضفة الغربية بـ"حرب حقيقية بشكل صامت عنوانها المستوطنون".

تجدر الإشارة إلى أن السلطات الإسرائيلية تمنع البناء أو استصلاح الأراضي في المناطق المصنفة "ج"، دون تراخيص منها، والتي من شبه المستحيل الحصول عليها، وفق تقارير حقوقية.

اتفاقية أوسلو (1993) صنّفت أراضي الضفة إلى 3 مناطق، وهي "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتقدر بنحو 60 بالمئة من مساحة الضفة.

وتشكل الأراضي المزروعة بالزيتون أعلى مساحة بالبستنة الشجرية وقدرها 575.2 ألف دونم، بنسبة 85.0 من المساحة المزروعة، بحسب الإحصاء الفلسطيني، وسط توقعات بأن تنتج الضفة الغربية، العام الحالي نحو 20 ألف طن من زيت الزيتون.

اقرأ/ي أيضًا | تقرير: موجة استيطان عاتية بالضفة بموازاة الحرب على غزة